الجهات في المنطق واللسانيات
محمود عباس العامري
يبرز العُرْف المنطقيّ وحَتَّى العُرْف اللُّغَوِيّ العامّ أنّ مبحث الجهات إرث منطقيّ، وأنّه مبحث منطقيّ أصيل، وأُفرد هذا المبحث عند المناطقة وغيرهم باسم «المنطق الجِهِيّ» دليلا على تلك الأصالة، لكنّ النَّظر في معطيات مقاربة المنطق للجهات وحسابه لها ينتهي إلى أنّ الحكم بخلوص الجهات للمنطق وَهْم كبير، وإلى أنّ النَّحْو راسخ هناك رسوخا قديما قِدَم الجهات، كيف لا، ومن أبرز المعاني الأساسيّة في حساب المنطق للجهات الوجوب والإمكان والإثبات والنَّفْي، وممّا يدلّ على رسوخ النَّحْو في مبحث الجهات أنّ هذا المبحث على الأرجح مجال لأعظم تقاطع وتعامل بين النَّحْو والمنطق، فما أكثر الدّراسات اللّسانيّة الَّتي مرّت بالمنطق الجِهِيّ وهي تتناول الجهات اللُّغَوِيّة، فانقسمت إلى دراسات تأخُذُ بإنتاج المنطق، ودراسات مستنفرة لمقاطعة ذلك الإنتاج، ودراسات نجحت قدرا من النّجاح في استثماره في تُربتها النَّحْويّة على قدر حاجتها، وعلى ضوء ذلك فقد احتوى هذا الكتاب على عدد من الموضوعات دارت حول: (مدخل إلى الجهة في الدراسات اللغوية، الجهة التكوينية في بنية الفعل في الدراسات اللسانية، الجهة في البنية الدلالية التركيبية في الدراسات اللسانية، والجهات والمقام البلاغي في الدراسات اللسانية).