التعويض عن التوقيف الاحتياطي في نظام الإجراءات الجزائية السعودي
علي صالح علي القحطاني
لا يختلف اثنان في أن حرية الفرد هي أغلى ما يملك في هذا الكون بعد نعمة الإسلام، وإذا سلبت منه هذه الحرية بأي وسيلة فإنّه لن يقف مكتوف الأيدي تجاه ذلك، ويقاس تطور المجتمعات بمدى حفاظها على حقوق مواطنيها وحرياتهم، وبمدى الضمانات التي تحرص على أن يتمتع بها المواطنون في نظام الإجراءات الجزائيّة، أو فيما يعرف عند البعض بقانون الإجراءات الجنائية التي تنتهجها بعض الأمم، ولما كان الإنسان لا يستطيع أن يعيش بمفرده بمعزل عن باقي الناس، بل يُعَدُّ اجتماعيًّا بطبعه لا يعرف حياة العزلة؛ لذلك فإن العيش في نطاق الجماعة لا بد أن يكون منظّمًا، ولا يمكن تحقيق هذا النظام إلا بوجود سلطة تفرض نظامًا، وقواعد، وأسسًا معينة؛ لتنظم العلاقة بين الإنسان ومن حوله من بني جنسه، وعند وقوع أي جريمة فإن السلطة تقوم بالقبض على من يشتبه بهم وتوقيفهم، ونظرًا لخطورة إجراء التوقيف، فقد أكدت المواثيق الدوليّة المتعلّقة بحقوق الإنسان على ضرورة احترام الحق في الحرية الشخصيّة إيمانًا بكرامة الإنسان وآدميته؛ وفي هذا الكتاب دراسة مقارنة تعنى بالحديث عن التعويض عن التوقيف الاحتياطي في نظام الإجراءات الجزائية السعودي، والمقارنة بين نصوص نظام الإجراءات الجزائية السعوديّ، والقانونين الإماراتي والكويتي، وتهدف إلى بيان مفهوم التوقيف الاحتياطيّ الوارد في نظام الإجراءات الجزائيّة السعوديّ؛ من حيث معناه، وحدوده، ومدته، وقيوده، ومبرِّراته، وضماناته، والسلطة المختصة به سواء في أثناء التحقيق أو الإحالة، أو المحاكمة، وبيان مفهوم التعويض وتأصيله، وبيان الأصول المقترحة للمطالبة بالتعويض عن التوقيف الاحتياطيّ، وتوضيح حق المتهم في المطالبة بالتعويض في حالة توقيفه احتياطيًّا دون مبرّر، والتعرُّف على الإجراءات التي كفلتها الأنظمة السعودية والإماراتية والكويتية.